إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
142457 مشاهدة
تحضير الأرواح ما هو إلا تحضير للشياطين

سؤال: يشتغل أناس بتحضير الأرواح ويسلكون طرقًا مختلفة فيعتمد بعضهم على كوب صغير أو فنجان أو حروف قد رسمت فوق منضدة وتتكون إجابات الأرواح المستحضرة على الأسئلة الموجهة لهم من مجموع الحروف بحسب ترتيب تنقل الكوب أو الفنجان فيها ومنهم من يعتمد على طريقة السلة، يوضع في طرفها قلم يكتب الإجابات على أسئلة السائلين، فهل الذي يحضر الروح -كما يزعمون- أم القرين أم شيطان? وما حكم الشرع في ذلك؟
الجواب: يقصد بالأرواح جنس الجن الذين خلقهم الله من النار، فهم أرواح بلا أجساد، ويقصد بتحضيرها نداؤها وطلب حضورها حتى تتكلم ويسمع كلامها البشر، ومعلوم أن الله قد حجبهم عنا، وأن أبصارنا تخرقهم كما قال -تعالى- عن إبليس: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ؛ والمراد بقبيله جنسه وما كان على مثل خلقته كالملائكة والجن، وقد أعطاهم القدرة على التشكل بأجساد متنوعة، فيظهرون في صور حيوانات وحشرات وهوام متعددة، ولهم قدرة على ملابسة الإنسان، كما قال -تعالى- لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ وقال -صلى الله عليه وسلم- إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .
فالمسلم متى تحصن بذكر الله ودعائه، وتلاوة كتابه، والعمل الصالح، والبعد عن الحرام؛ فإن الله يحرسه، ولا تقدر الجن على ملابسته ولا التسلط عليه إلا ما شاء الله، وأما التحضير المذكور في السؤال فلا شك أن المحضِّر إما أن يكون من خدام الشيطان الذين يتقربون إليهم بما يحبون، أو يكتب حروفًا غير مفهومة تحتوي على شرك أو دعاء لغير الله؛ فتجيبه الجن ويسمع كلامها الحاضرون، والغالب أنه يحضر شخصًا ضعيف العقل والدين، قليل الاهتمام بالذكر والدعاء حتى يلابسه الجني ويتكلم على لسانه، ولا يفعل ذلك إلا السحرة والكهنة ونحوهم، ولا يمتنع أن يسمع الإنسان كلام الجن المسلمين، كما يشاهد أنهم يوقظونه للصلاة أو للتهجد وهو لا يراهم، والله أعلم .